كشفت دراسة علمية حديثة عن سر الأحلام التي تراودنا، وكيف أن تلك الأحلام تحمي دماغنا من الإصابة بأمراض عديدة قد يكون بعضها قاتلا للإنسان.
ونشرت مجلة “تايم” الأمريكية تقريرا موسعا حول سر الأحلام، وكيف أنها تحمي العقول.
وكشفت الدراسة أن الأحلام تمنح الدماغ قدرة هائلة على التطور والتكيف، بالإضافة إلى أنها تمنح الإنسان قدرة مذهلة على فهم البيئة المحيطة به.
وتشير الدراسة إلى أنه عندما نتعلم شيئًا جديدًا، أو نكتسب مهارة جديدة، أو نغير عاداتنا، يتغير الهيكل المادي لدماغنا.
فالخلايا العصبية، الخلايا المسؤولة عن معالجة المعلومات بسرعة في الدماغ، مترابطة بالآلاف، ولكن مثل الصداقات في المجتمع، فإن الروابط بينها تتغير باستمرار؛ تقوية، وإضعاف، وإيجاد شركاء جدد.
وتسبب الأحلام ما يطلق عليه في مجال علم الأعصاب اسم “مرونة الدماغ”، في إشارة إلى قدرة الدماغ، مثل البلاستيك، على اتخاذ أشكال جديدة والاحتفاظ بها.
وتشير الاكتشافات الحديثة في علم الأعصاب إلى أن نوع المرونة في الدماغ أكثر دقة بكثير من التمسك بالشكل، خاصة إذا علمنا أن الدماغ بها 86 مليار خلية عصبية تتصل مع بعضها البعض في كل لحظة بحياتك.
اعتاد علم الأعصاب على الاعتقاد بأن أجزاء مختلفة من الدماغ محددة سلفًا لأداء وظائف محددة. لكن الاكتشافات الأخيرة قلبت النموذج القديم رأساً على عقب.
قد يتم في البداية تكليف جزء واحد من الدماغ بمهمة محددة؛ على سبيل المثال، يسمى الجزء الخلفي من دماغنا “القشرة البصرية” لأنها عادة ما تتعامل مع البصر. لكن يمكن إعادة تخصيص هذه المنطقة لمهمة مختلفة، ومن يتكلف بأداء تلك المهمة في الجسم هي الأحلام.
لا يوجد شيء مميز حول الخلايا العصبية في القشرة البصرية: إنها ببساطة خلايا عصبية تصادف أنها تشارك في معالجة الأشكال أو الألوان لدى الأشخاص الذين لديهم عيون عاملة، ولكن في حالة انعدام البصر مثلا، يمكن لهذه الخلايا العصبية نفسها إعادة ربط نفسها لمعالجة أنواع أخرى من المعلومات.
وتقول الدراسة: “الطبيعة الأم شبعت أدمغتنا بالمرونة للتكيف مع الظروف. كما أن الأسنان الحادة والأرجل السريعة مفيدة للبقاء على قيد الحياة، كذلك فإن قدرة الدماغ على إعادة تكوينه. يسمح التوصيل الحي للدماغ بالتعلم والذاكرة والقدرة على تطوير مهارات جديدة”.
وتضيف بقولها “في البشر، يتخلل النوم نوم حركة العين السريعة كل 90 دقيقة. هذا عندما تحدث معظم الأحلام. (على الرغم من أن بعض أشكال الأحلام يمكن أن تحدث أثناء النوم بخلاف حركة العين السريعة، إلا أن هذه الأحلام مجردة وتفتقر إلى الوضوح البصري لأحلام حركة العين السريعة”.
وتستمر بقولها “يتم تحفيز نوم حركة العين السريعة بواسطة مجموعة متخصصة من الخلايا العصبية التي تضخ النشاط مباشرة في القشرة البصرية للدماغ، مما يجعلنا نشعر بالرؤية على الرغم من إغلاق أعيننا. من المفترض أن هذا النشاط في القشرة البصرية هو سبب كون الأحلام تصويرية وفيلمية. (كما أن الدوائر التي تثير الأحلام تشل عضلاتك أثناء نوم الريم حتى يتمكن عقلك من محاكاة تجربة بصرية دون تحريك الجسم في نفس الوقت.) تشير الدقة التشريحية لهذه الدوائر إلى أن نوم الأحلام مهم من الناحية البيولوجية – مثل الدقة والشاملة نادرًا ما تتطور الدوائر بدون وظيفة مهمة وراءها”.
وتستدرك قائلة “تقدم نظرية التنشيط الدفاعي بعض التنبؤات الواضحة حول الحلم. على سبيل المثال، نظرًا لأن مرونة الدماغ تتضاءل مع تقدم العمر، يجب أيضًا أن تنخفض فترة النوم التي يتم قضاؤها في حركة العين السريعة طوال العمر. وهذا بالضبط ما يحدث: في البشر، تمثل حركة العين السريعة نصف وقت نوم الرضيع، لكن النسبة تنخفض بثبات إلى حوالي 18% لدى كبار السن. يبدو أن نوم حركة العين السريعة أصبح أقل أهمية لأن الدماغ يصبح أقل مرونة”.
ووجدت الدراسة أن أنواع الأدمغة الأكثر مرونة تقضي فترات أطول في نوم حركة العين السريعة كل ليلة، وهو ما يمنع الإنسان مرونة وتكيف أكبر على مواجهة مختلف المشاكل التي يواجهها.
وتؤكد الدراسة أن دائرة الأحلام مهمة للغاية، خاصة لمن يعانون من قصور في وظائف الجسم، لأن هذا يمنح الدماغ مرونة أكبر في تقديم وظائف مختلفة غير المعتادة عليها، ما يحمي الجسم من مخاطر جسيمة قد يواجهها ومشاكل مرضية واسعة النطاق في وقت وجيز.