في مقصورة القطار، ملتحي ممن اختصروا أحاديث السلف الصالح في تقصير السراويل كان يمسح لحيته ويستغفر الله كلما قبل العشاقان الانجليزيان أحدهما الآخر..

الرباط- ماجدة / le12.ma

يحكي الزميل طارق جبريل، صاحب عمود حكاوي في الزميلة الاحداث المغربية وكبير فنييها، في قصة هذه التدوينة / المقالة، مشاهد من أفلام هندية / مغربية التي وثقها اليوم الأربعاء من على متن قطار رحلة فاس – مراكش.
لم يكن طارق جبريل، ليجود علينا بهذه الحكاية المليئة بالمشاهد والقصص، لو لم يتأخر القطار السريع القنيطرة- الدار البيضاء الميناء عن موعده.
«قطار متاخر عن مواعيده المعتادة..”اضطريت”أن التحق بالقطار المتجه الى مراكشْ، الممرات مكدسة بالمسافرين يتنافسون على ذرات الأوكسجين المتاحةْ» .
هكذا يبدأ طارق، في سرد أولى القصص، التي تكرس ما يجري ويدور مع المسافرين في قطارات تستحق حمل لقب مديرها العام أي «قطارات لخليع».
هنا ينتهي تقديم جريدة le12.ma، ومن هنا يبدأ حكايات هذا الصباح من على قطار رحلة فاس-مراكش، لكنها ترصد فقط، رحلة جبريل، التي انطلقت من الرباط أكدال وانتهت في الدار البيضاء المسافرين.

*طارق جبريل
قطار متاخر عن مواعيده المعتادة..
“اضطريت” أن التحق بالقطار المتجه الى مراكشْ،
الممرات مكدسة بالمسافرين يتنافسون على ذرات الأوكسجين المتاحةْ .
على يميني سيدة رفقة أطفالها تجلسهم على الحقائب وتهاتف زوجها معاتبة أن تركها رفقة أطفالها تعاني تبعات السفر.
لم تتوانى في لعنه على الطريقة المغربية.
سبعيني يجاورني في الممر بوجه متجهم فائض عن الحاجة محتدماً كبالون ملء انتفاخه.
تمتم لاعناً بعد أن سمع كلمات السيدة النابية: “ما كاين غير احححح وابلز”.
شابة حلوة المبسمْ، لها ذراعان كقطعة حلوى فرنسية يتنسمان الهواء، تتوقف أحيانا لترفع قطعة القماش الصغيرة التي ينزلق عنها صدرها الكافر.
تمط شفتيها أحيانا كي تتسلفف ما شاء لها السلفي، مرة تلو الأخرى ترمقني وذلك السبعيني كأننا حائط قديم، كتبت على صفحته كلمات عشق بالية.
ستينية رفقة ابنتها وأطفالها لم يتبق لهم سوى إحضار موقد لتتلهيا في صنع طاجين القوق بالجلبانة.
كل من رماه حظه العاثر برقم مقعده قربهم ترك لهم المكان تعوثان فيه ضجيجا وزيت الملاوي ينزلق على أحناك الأطفال مع شئ من إفرازات الأنوف.
عوض الخدود الموردة الناضحة بالحياة يتراءى لنا أخاديد من الصرف الصحي المغموس في حبيبات القمح المطحونة.
انجليزيان تدل هيئتهما أنهما في بدايات العشق وعنفوان الحياة، لم يهتما لزحام وثرثرة هذا العالم الثالث.
احتوته بيديها وقبلها هو على جبينها وأغرق عينيها اللعسلوين لكلمات العشق والهيام.
ملتحي ممن اختصروا أحاديث السلف الصالح في تقصير السراويل كان يمسح لحيته ويستغفر الله كلما قبل العشاقان الانجليزيان أحدهما الآخر..
تحولت كل حواسه الى بصر ركزه على هذا العشق الأوروبي المتاح للجمبع وعيونه تطارد كلماتهما وإن كان قد أحس بشرخ من الخجل يتمدد في خاطره بعد قبلة ساخنة للكوبل الأوروبيْ..
نظرت إلى السبعيني فوجدت أن الكلمات غادرت جوفه وهو يتوسط اللعنات والقبلات..
على كل حال الحياة تذعن لمن يثقبها..
وصلنا محطة الدار البيضاء المسافرين وفاض الناس بين الأزقة..
* كاتب عمود حكاوي في الزميلة الاحداث المغربية وكبير فنييها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *