لا تنكر فاضمة بن أحمد فضل شجرة الأركان ومنتوجها “المبارك” في تغيير شخصيتها وتحفيزها لإثبات الذات، فكانت الانطلاقة تأسيس تعاونية “تركانت أودرار ” (شجرة الجبل) بمدينة بويزكارن (40 كلم عن كلميم)، التي فتحت أعينها على أهمية الاستثمار في الأركان ومشتقاته الذي تشتهر به منطقتها.
بالإرادة والمثابرة، نهجا سلكته لتحقق ذاتها، استطاعت السيدة فاضمة تغيير وضعيتها الاجتماعية، على الرغم من المعاناة والصعوبات التي واجهتها في البدايات منذ عام 2004 .. رحلة البحث عن عمل يدر لها دخلا من أجل تحقيق استقلالية مادية.
عصامية، من جماعة الاخصاص (إقليم سيدي إفني)، وبالمثابرة والجهد تجاوزت ظروفا اجتماعية صعبة عنوانها الأساس “الهشاشة وسطوة التقاليد”.
تقول فاضمة ابن أحمد لوكالة المغرب العربي للأنباء ” كانت هناك صعوبات تعترض النساء ، كن لا يغادرن المنزل قصد الشغل بحكم التقاليد والعادات” متذكرة فترة الطفولة التي كانت اللقاء والتعرف على الأركان من خلال جمع مادة ” أفياش” (ثمرة الأركان) رفقة فتيات القرية “كنت لا أعير ذلك اهتماما”، تضيف، غير أن سنة 2004 كانت حاسمة في تغيير مساري لاسيما بعد الاستقرار بمنطقة بويزكارن، حيث قررت الاشتغال في مجال إنتاج زيت الأركان.
تابعت السيدة فاضمة “كان الأمر في البداية صعبا وكنت أتوجه لوحدي كل صباح باكر الى منطقة الاخصاص لجلب كمية من ثمار (أفياش)، ظروف الاشتغال كانت آنذاك “صعبة في ظل غياب معدات حديثة لاستخلاص زيت الأركان ، وقلة وسائل النقل” .
وبعد مضي سنوات من العمل، ظل حلم السيدة فاضمة، وهي في عقدها الرابع، هو مشروع معين يساعدها على تحقيق أحلامها، فكان الحل الوحيد الممكن هو اللجوء إلى قرض صغير لتجهيز محل صغير بمعدات إنتاج هذه المادة الحيوية بالمنطقة .
وكشفت عن اهتمامها اللامحدود بإنتاج مواد مستخلصة من زيت الأركان أو ما بات يعرف بالذهب الأخضر المستخرج من ثمار “شجرة الأركان”، بعد أن ذاع صيتها بالمنطقة وتمكنها من كسب ثقة زبناء كثر أبدوا اهتماما بالغا بمنتوجها لجودتة، ليصبح اسمها “ماركة مسجلة” وعلامة عن الجودة والاتقان، بل وكان بعض زبنائها السبب في إرشادها وتوجيهها للاستفادة من الدعم والتكوين في هذا المجال تطويرا لخبرتها التي راكمتها لسنوات طوال.
وهكذا، قررت هذه السيدة عام 2018 خوض تجربة تأسيس تعاونية ، “إنها خطوة جيدة” ومشجعة في ذات الوقت ، إذ تشارك، الآن،بمنتوجاتها في عدة معارض محلية وجهوية .
ولم يفت السيدة فاضمة ابن احمد لفت الانتباه الى الدور الكبير الذي لعبته الأسرة في تشجيعها وتحفيزها، لا سيما الزوج، والأبناء الذين كان لهم دور مهم في نجاحها في بناء مشروعها .
أول ما يشد الانتباه عند لقاء السيدة فاضمة بالتعاونية، هو حيوتها وشغفها بالأركان لاسيما وهي تسترسل في وصف منتوجاتها سواء المخصصة للاستهلاك (زيت أركان) ، أو للتجميل بطريقة عصرية باستعمال معدات جهزت بها تعاونيتها بإمكانياتها الذاتية، ما شجعها على إنتاج كميات مهمة من هذا الزيت .
وفي سياق الحديث عن بعض الاكراهات عرجت الى الحديث عن جائحة كورونا التي “غيرت كل شيء” لكن بالصبر والتسلح بالتجربة والسهر على تدبير شؤون التعاونية قاومت ونجت من الإصابة بالإحباط والفشل، وبالتالي إنقاذ المشروع و 10 نساء يشتغلن بالتعاونية .
ولم تغفل، وهي تتحدث عن صعوبات الاشتغال في هذا المجال، التأكيد على ضرورة التصدي لمشكل الوسطاء في بيع ثمار “أفياش” الذين أفسدوا المجال بالمبالغة في رفع أسعاره، داعية، بهذا الخصوص، الى تحديد سعر هذه المادة مباشرة من طرف المنتجين، مشددة على ضرورة تفادي جني ثمار الأركان قبل أن تنضج بشكل جيد حفاظا على جودتها وعلى شجرته المباركة أيضا.
وتطمح إلى السير قدما والتقدم في مشروعها، عبر توسيع مجال اشتغالها بالتفكير، بعد حصولها، مؤخرا، على بطاقة مقاول ذاتي، في خلق مقاولة لتشمل صنع منتوجات أخرىكالكسكس والحلويات.