حطمت دراسة أعدتها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الانسان، جدار الصمت تجاه «طابو» العنف الجنسي في قطاع السنيما.

*ماجدة بنعيسى

حطمت دراسة أعدتها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الانسان، جدار الصمت تجاه «طابو» العنف الجنسي في قطاع السنيما.

وكشف الدراسة التي قدمتها الجمعية أمس الخميس في الرباط إلى الصحافة، أنه بالنسبة للعنف الجنسي، فقد وصفته الممثلات بالخصوص كشكل رئيسي من أشكال العنف. وأكدت الدراسة أن الممثلات الأصغر سنا، أكثر عرضة للابتزاز الجنسي، أو التلميحات ذات الطابع الجنسي أو الملامسات الجنسية.

وشددت على أنه يتعين توخي الحذر بخصوص انتشار العنف الجنسي الذي يحدث في صمت تام من قبل الضحايا.
وقالت الجمعية، بدون شك لم يتم تصنيفه في المرتبة الأول لأن الضحايا لا يقمن بفضحه ولا يملكن الشجاعة اللازمة للتنديد به.

وبلغة الأرقام فإنه من بين 15 مشاركا / مشاركة في تلك المقابلات، أكد 80% أنهم تعرضوا – تعرضن أو شهدوا/ شهدن حالة واحدة على الأقل من العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهم- حياتهن المهنية.

أما نسبة 20% المتبقية، فتشير إلى أنها لم تشهد أي نوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي. مؤكدين أنهم (ن) عاشوا شخصيا تجارب متعلقة بالعنف (النفسي، الاقتصادي، أو الجسدي) المرتكب خارج نطاق النوع، مؤكدين دائما انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي في القطاع على الرغم من عدم كونهن شهودا أو ضحايا أو مرتكبين لهذا العنف.

وفيما يلي تقرير مفصل عن هذه الدراسة نشرته الزميلة بسمة من توقيع الزميلة عزيز حلاق.

رصدت دراسة هي الأولى من نوعها على مستوى منطقة مينا (الشرق الأوسط وشمال افريقيا)، حول موضوع “العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما بالمغرب، أن 80% من النساء العاملات في السينما بالمغرب تعرضن للعنف.

الدراسة أنجزتها جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الانسان، وقدمت خلاصاتها رئيستها فدوى مروب في لقاء صحفي، نظم يومه الخميس 16 أبريل 2025، بمقر الجمعية، وحضره عدد من المهتمين والمنتسبين للقطاع السينمائي والحقوقي.

عن أشكال العنف ضد النساء في قطاع السينما في المغرب

في البداية ذكرت مروب، بأن قطاع السينما على المستوى الوطني، لا يتوفر مثل غيره من القطاعات، على إطار قانوني مخصص بشكل حصري لمكافحة العنف ضد المرأة؛ مما يعني اللجوء الى القوانين والمقتضيات الأساسية المعنية بمكافحة العنف ضد النساء عموما: القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، قانون الشغل، القانون الجنائي وإعلان مراكش 2020 والبروتوكول الخاص به.

‎وأشارت الدراسة، إلى ندرة المبادرات والمصادر الوثائقية التي تعالج موضوع العنف القائم على النوع الاجتماعي في مجال السينما في المغرب؛ كما في باقي دول العالم، والتي تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة في المجال المهني قائمة في فضاء العمل على العموم. غير أن العنف القائم على النوع الاجتماعي في القطاع السينمائي لا زال مصنفا ضمن الطابوهات في مجتمعنا ونادرا ما يشكل موضوع كتابات أو شهادات. وعلى الرغم من ذلك، فقد كسرت بعض الفنانات الصمت لفضح المعتدين، في حين قررت أخريات فعل ذلك دون الكشف عن هويتهن.

وأضافت الدراسة أن التنديد بحالات العنف الممارس ضد النساء المهنيات في قطاع السينما يتضاعف يوما بعد يوم، غير أنه يبقى ضئيلا لأنه يقتصر على بعض التصريحات المعلنة خلال المقابلات، وتظل الدراسات والتحقيقات حوله نادرة.
‎وجاء في الدراسة، أن العنف ضد النساء المهنيات في قطاع السينما ليس بالظاهرة الجديدة، على اعتبار أن عالم السينما فضاء عمل جماعي ومختلط وتحكمه التراتبية، ويشرف عليه ويؤطره بشكل خاص الرجال.

وحسب دراسة اعتمدت عليها جمعية مريب، في تقريرها، والتي كانت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب قد أصدرتها تحت عنوان “زوم حول حضور المرأة والرجل في القطاع السينمائي بالمغرب”، فإن النساء يزاولن مهنا مرتبطة في التصور المجتمعي التقليدي بهذه الفئة:

– بالنسبة لمهن الإنتاج، نسبة النساء لا تتجاوز 20% فقط.
‎– بالنسبة للمهن التقنية (التقاط الصور، تسجيل الصوت، الإضاءة، تشغيل الآلات، المؤثرات الخاصة…) لا يتجاوز حضور المرأة 3,6%؛
‎– بالنسبة للمهن الإبداعية، تتوزع نسبة النساء على الشكل التالي: “الإنتاج (28%)، الملابس (47%)، تصفيف الشعر (65%)، المكياج (19%)، والديكور (9%). وتشغل النساء مهنتا) الملابس وتصفيف الشعر(بنسبة أكبر ) ؛ وهو ما يؤكد تقسيم العمل حسب النوع.

وأشارت أن النساء لازلن يمارسن مهنا “مرتبطة في التصور التقليدي بالنساء” ويتعلق الأمر بمجال عمل تتجلى فيه علاقة سلطة يمارسها الرجال على النساء، وهي سلطة قد تكون مهنية مرتبطة بطبيعة علاقة عمل تراتبية، وتعززها بالخصوص العلاقات الاجتماعية المبنية على النوع، التراتبية، وتبنيها القواعد والقيم الاجتماعية.

 الحركة التي فضحت صناع السينما في العالم#MeToo

وباعتبار أنها “صناعة حيث يشيع العمل غير الرسمي وتعتبر أحيانا “مختلفة” بالنظر لطبيعتها الإبداعية والفنية” وبوسط عمل، حيث تتفشى ثقافة التمييز على أساس الجنس بشكل مستمر، فمن الواضح أن أغلب أشكال العنف ضد النساء العاملات في المجال السينمائي تحدث في صمت – بحسب الدراسة – باستثناء بعض المبادرات التي سلطت الضوء على أشكال عديدة من العنف، ولا سيما حركة #MeToo.

كما تطرقت الى تعدد التصورات المرتبطة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي حسب المهن ومناصب المسؤولية؛ مشيرة بأن جميع العاملين في قطاع السينما تقريبا يشجبون العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو ما يؤكد أنه ظاهرة قائمة في قطاع السينما.
‎أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي.

أظهرت الدراسة أن استمرار العنف القائم على النوع الاجتماعي بمختلف أشكاله، مع انتشار واضح للعنف النفسي حسب مهنيي ومهنيات قطاع السينما في المغرب، مشيرة بأن العنف القائم على النوع الاجتماعي يتخذ أشكالا متعددة، وهو من بين الآفات التي تؤثر على حرية الإبداع لدى المهنيات وتحد من قدراتهن.

العنف النفسي

وانطلاقا من تحليل نتائج المقابلات التي أجرتها توصلت إلى أن العنف النفسي يعد الشكل الرئيسي للعنف السائد في قطاع السينما في المغرب، يليه العنف الاقتصادي ثم العنف الجنسي. ولم تتم الإشارة مطلقا إلى العنف الجسدي كشكل رئيسي للعنف.
‎وحسب المستجوبين فإن تفشي العنف النفسي يرجع لصعوبة إثبات وقوعه والذرائع والأسباب التي يدفع بها مرتكبو هذا العنف لتبريره (ما تتطلبه المهنة من إتقان تام، وجوب المواظبة، ضعف التزام العاملين…).

العنف الاقتصادي

وتحتل أشكال العنف الاقتصادي المرتبة الثانية وتتعلق بممارسات شائعة يمارسها الرؤساء التراتبيون الذين لا يتحلون بالشفافية أثناء تحديد المهام، ويقترحون عقودا تخدم مصالحهم بشكل أساسي وتستغل الوضعية الهشة للعاملات في المجال التقني والمكلفات بالإنتاج.

العنف الجنسي

وبالنسبة للعنف الجنسي، فقد وصفته الممثلات بالخصوص كشكل رئيسي من أشكال العنف. حيث تُعتبر الممثلات، بالخصوص الأصغر سنا، أكثر عرضة للابتزاز الجنسي، أو التلميحات ذات الطابع الجنسي أو الملامسات الجنسية. علما أنه يتعين توخي الحذر بخصوص انتشار العنف الجنسي الذي يحدث في صمت تام من قبل الضحايا. فبدون شك لم يتم تصنيفه في المرتبة الأول لأن الضحايا لا يقمن بفضحه ولا يملكن الشجاعة اللازمة للتنديد به.

‎80 في المائة تعرضن للعنف

ومن بين 15 مشاركا / مشاركة في تلك المقابلات، أكد 80% أنهم تعرضوا – تعرضن أو شهدوا/ شهدن حالة واحدة على الأقل من العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهم- حياتهن المهنية.

أما نسبة 20% المتبقية، فتشير إلى أنها لم تشهد أي نوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي. مؤكدين أنهم (ن) عاشوا شخصيا تجارب متعلقة بالعنف (النفسي، الاقتصادي، أو الجسدي) المرتكب خارج نطاق النوع، مؤكدين دائما انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي في القطاع على الرغم من عدم كونهن شهودا أو ضحايا أو مرتكبين لهذا العنف.

توصيات الدراسة

أوصت الدراسة بتقديم الدعم والتوجيه لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما؛ عبر مأسسة وتوحيد إجراءات الدعم المقدمة على المستوى الوطني للنساء المهنيات ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الدعم النفسي.
‎كما أوصت بوضع قواعد مهنية لمكافحة كافة أشكال التمييز والعنف القائم على النوع، وكذلك لضمان احترام ظروف عمل المهنيات في قطاع السينما وفقا لقانون الشغل ودفاتر التحملات المبرمة مع الجهات الوصية.

ويمكن تحقيق ذلك من خلال:

أولا: وضع نموذج خاص بالممارسات الفضلى: تأتي هذه التوصية على شكل عملية ترافع وتعبئة واسعة النطاق، تأخد بعين الاعتبار ملاحظة ترتبط بوجود رؤساء إخراج وإنتاج أظهروا التزاما يحتذى به يتعلق بالسلوك الجيد، العادل والمنصف إزاء المهنيات. وهي ممارسات فضلى يمكن استثمارها من أجل التعبئة وتصنيفها كنماذج يقتدى بها.

ثانيا: إعداد عقد نموذجي من قبل المركز السينمائي المغربي ووزارة الثقافة، المؤسسات الوصية: من أجل حماية النساء المهنيات في القطاع السينمائي بالمغرب من كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، من خلال تحديد المهام بوضوح، وإدراج مواد تتعلق بحسن السلوك وتعاقب على الممارسات التمييزية وتحظر العنف القائم على النوع الاجتماعي.

ثالثا: تعزيز المناصفة في قطاع السينما: تم التصويت وقت كتابة هذه الدراسة على مشروع القانون رقم 18-23 المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي من قبل غرفتي البرلمان.

رابعا: دمج آليات التعويض عن البطالة والدعم الاقتصادي للمهنيين والمهنيات في قطاع السينما: يعمل هؤلاء بشكل رئيسي كـ “عاملين مستقلين” (freelance)، عملهم رهين بالمشاريع السينمائية حيث يتلقون عروضا محدودة، وهو ما يعمق هشاشتهم أمام مشغليهم.

خامسا: تعبئة وتنظيم صفوف النساء المهنيات: سيمكن اعتماد هذه الخطوة التنظيمية، بشكل عملي وبدعم من منظمات المجتمع المدني، من تعزيز التضامن واتخاذ موقف جماعي ضد العنف القائم على النوع الممارس ضد المهنيات في القطاع السينمائي بالمغرب.

سادسا؛ إدراج وحدات التكوين المتعلقة بحقوق المرأة بشكل منهجي، خاصة ما يتعلق بالوقاية والحماية من جميع أشكال العنف القائم على النوع (خاصة في نهاية مرحلة التكوين الأساسي) على مستوى المدارس ومؤسسات تكوين مهنيات ومهنيي القطاع السينمائي، فضلا عن التكوين المستمر.

سابعا: تنظيم حملات تحسيسية لفائدة النساء المهنيات في قطاع السينما؛ وشددت الدراسة على أهمية أن تلعب المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني أدوارهما من أجل تنظيم دورات التكوين والتحسيس لفائدة مختلف الفاعلين في قطاع السينما بشأن قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *