بالنسبة إلى المئات من الأشخاص الذين انبروا لمهاجمتي دفاعا عن الممثل سعيد الناصري، فأنا لم أتحدث إلى حد الآن بأي سوء عن فيلمه “نايضة” الذي لو لم يكن لدى عدد ممن يدافعون عنه هاتف محمول لما شاهدوه.
أنا كتبت فقط بأنه ينبغي أن يتوقف بعض الناس عن تصديق أكذوبة أن الناصري ممنوع من السينما والتلفزيون، وأعطيت معلومات لتفنيد هذا الادعاء.
بالنسبة إليَ، سعيد الناصري رجل تاجر، مثل كل التجار المتخصصين في مجال من المجالات، يمارس التجارة في قطاع السينما والتلفزيون، وهذا ليس عيبا.
سعيد الناصري رجل حاصل على شهادة عليا في مجال المال والأعمال من الخارج، بدأ حياته المهنية في القطاع البنكي، حيث كان مسؤولا في مؤسسة بنكية، قبل أن يكتشف أنه يمكن جني الأرباح من السينما والتلفزيون. وقد كان هو أول من دفع المغاربة إلى التطبيع مع السيتكومات التلفزية التي يقول عنها عدد كبير منهم اليوم بأنها حامضة وباسلة، والتي كان يكرر فيها دائما نفس أسلوب الأداء الذي يعتمد فيه على تقمص شخصيات متشابهة ضمن وضعيات ومواقف ساذجة. وسواء في السيتكومات أو في الأفلام كان دوما يحاول تقليد حركات وقفشات عادل إمام، وكان يفشل في ذلك، إلى حد أن عددا من الأصوات كانت تندد بسيتكوماته التي كان هو كاتبها ومخرجها وبطلها، وكان هو أيضا صاحب الشركة التي تأخذ المال من التلفزة لتنفيذ إنتاجها، وكان الكثير من المنتقدين يعتبرون أن تلك السيتكومات هي مجرد هدر للمال العام.
أنا لم أحلل قط فيلما من الأفلام السينمائية لسعيد الناصري، التي شاهدتها كلها في القاعات التجارية، وليس في قناة يوتيوب.
لم أحللها ولا أحللها لأنها بالنسبة إليَ مجرد أعمال تجارية هدفها الكسب المادي، وليس المراد منها إثارة النقاش حول قضايا كبرى، أو أنها تسعى لطرح أفكار جديدة ينبغي الاطلاع عليها، أو أنها تتناول مواضيع حساسة مسكوتا عنها لا ينتبه لها أحد.
بل الأكثر من ذلك، إن السعي نحو الربح السريع و شح ملكة الإبداع جعلا سعيد الناصري يقوم بعملية سطو فاضحة على أعمال غيره، ولا يمكن لأي متابع للمشهد السينمائي المغربي أن ينسى فيلمه السينمائي “سارة” الذي كان قد خرج إلى القاعات السينمائية سنة 2013، والذي هو منسوخ بقصته وبمشاهده وبلقطاته وبزوايا تصويره من الفيلم الأمريكي التجاري Curly Sue الذي تم إنتاجه سنة 1991، علما أن الفرق بين الفيلمين هو أن فيلم Curly Sue الأمريكي كانت ميزانية إنتاجه 25 مليون دولار ( حوالي 25 مليار سنتيم) وفيلم “سارة'” لسعيد الناصري لم تتجاوز ميزانية إنتاجه 80 مليون سنتيم، وهو الفارق الذي نتج عنه أن عملية النسخ والنقل كانت ضعيفة.
فيلم “سارة” كان فضيحة أخلاقية ثابتة بالحجة والدليل، تم فيها ضبط سعيد الناصري في حالة تلبس وهو يسطو على عمل غيره، دون أن يعلن مسبقا أنه قد اقتبس الفيلم أو أنه استلهم منه القصة والسيناريو والإخراج، وحين تم نشر عدد من مشاهد الفيلمين من أجل المقارنة، واتضح للجميع أن الأمر يتعلق فعلا بعملية سطو على حقوق التأليف المسجلة في ملكية الغير، صرح الناصري لجريدة مغربية بأنه كان قد أعلن سابقا عن عزمه على إعادة تصوير أفلام أجنبية في صيغة مغربية مثل فيلم “سارة” و”الخطاف”، لكنه لم يوضح إطلاقا هل تواصل مع أصحاب الأفلام التي يحاكيها، وهل لديه معهم عقود لضمان حقوقهم، وهل أدى لهم مبالغ مالية مقابل استغلال ملكيتهم الفكرية، والأكيد أن لا شيء من ذلك حدث، بل كل ما في الأمر أنه حين وجد نفسه في حالة تلبس بممارسة عملية السطو على أفكار الغير، اضطر أن يبرر فعلته بمثل ذاك الكلام.
ليس بيني وبين سعيد الناصري أية عداوة، ولا أية منافسة بحكم أن مهنتي ليست هي مهنته، كما أنني أتمنى له ولكل المشتغلين في مجال السينما والتلفزة النجاح والتألق، لكنني عندما أسمع بأنه ممنوع من السينما والتلفزيون، وأنه رجل مناضل يحارب الفساد بالسينما، فأنا لا يمكنني أن أصفق لهذا الكلام، في وقت أعلم فيه علم اليقين أن سي سعيد الناصري ما هو إلا تاجر يبحث عن الربح، ويوظف تقنيات معروفة لجلب الزبناء، أعرفها جيدا وأعطي فيها الدروس لطلبة علوم الإعلام والتواصل في الجامعة.
وهذا ما كان.
*ناقد سنيمائي