تستقبل بلدة تازناخت زوارها بمجسم صغير، يصعب تمييز تقاصيله، لصغر أبعاده، فيما ضجيج السوق الأسبوعي ليوم الخميس، يشي بأن البلدة مركز تجاري، يضخ الحياة الاقتصادية والاجتماعية لكل القاصدين، من كل الآفاق.

تازناخت -ورزازات -عادل الزبيري

تلفح الأجساد شمس خريفية ساخنة، في أجمل استقبال في بلدة تازناخت في إقليم ورزازات في جنوب شرق المغرب، في ثاني يوم من مهرجان الزربية التازناختية الواوزكيطية.

امتلأت المقاهي بزبناء يشرب بعضهم شايا، وبعضهم اختار قهوة سوداء قصيرة القامة، منهم من ينفث دخان سيجارة، وآخرون ينتقلون بأصابعهم على لوحة صغيرة لهاتف محمول، هذا زمن منصات التواصل الاجتماعي.

تطلب الوصول إلى بلدة تازناخت، سفرا لأكثر من ساعة على متن طريق متعرج، من مدينة ورزازات، فيما الجفاف ترك آثارا جعلت للأرض لونا قاحلا، فيما مجاري مياه صغيرة، تشهد على مرور مطر هنا، نزل غزيرا على غير المعتاد، في شهر شتنبر المنصرم.
تستقبل بلدة تازناخت زوارها بمجسم صغير، يصعب تمييز تقاصيله، لصغر أبعاده، فيما ضجيج السوق الأسبوعي ليوم الخميس، يشي بأن البلدة مركز تجاري، يضخ الحياة الاقتصادية والاجتماعية لكل القاصدين، من كل الآفاق.

من المثير للاهتمام، ملتقى طرقي، أي دوار من الحجم الكبير، ربما لا يتناسب مع صغر هذه البلدة الصغيرة، أو هذه القرية الإسمنتية الكبيرة، الغارقة في سكونها، في أطراف إقليم ورزازات.

في داخل خيمة كبيرة الحجم، يجري تنظيم معرض كبير للزرابي التازناختية، هنا عاصمة الزربية المغربية، لوحات تشكيلية من أحجام عملاقة، تشد بألوان غالبيتها فاقعة جميلة؛ النساء هنا فعلا مبدعات؛ يقدمن جمالا من صوف خرفان سيروا.

عشرات التعاونيات تتنافس في معرض استثنائي، المشترك فيه الجمال، مع تعليق الآمال على النجاح ليكون نافذة للبيع وللشراء، للزرابي المغربية التراثية، في فرصة سنوية استثنائية.

وجوه ووجوه لرجال ولنساء مغاربة، تعبوا للوصول إلى هذا الموسم، الذي يريدون من خلاله الحصول على مقابل مالي، من معرض يشد الأسماع من كل الأصقاع.

يرتفع صوت مذيع الموسم بلغة خشبية جدا، لا تسمن ولا تغني من جوع، فيما العدد القليل من الزوار طيلة فترات المعرض تسبب في خيبة أمل كبيرة للعارضين، فغالبية الزوار المحليين شدتهم وصلات الموسيقى الليلية، وأكشاك الأكل، وفرشات وبسطات البيع للسلع الاستهلاكية المعيشية.

في النهاية، بقيت العارضات المبدعات من دون مبيعات طيلة أيام المعرض، وهذا إشكال كبير يواجه المعارض مغربيا، يجري التسويق إعلاميا لعدد الزوار، ولا رقم حيال المبيعات والرواج التجاري.

تشتكي النساء النساجات المبدعات للزربية من قلة الدخل المالي، وأنهن ضحايا الوسطاء من سماسرة شراء الزرابي، الذين يأتون من مراكش للشراء بثمن بخس، ليحملوا الإبداعات بثمن قليل، ليجنوا منها ثروات لاحقا، وفق روايات متواترة على لسان نساء مغربيات شجاعات من تازناختيات.

نجح المعرض في تحقيق رهان التنظيم، لكن الحدث أخلف موعده في الاهتمام بالنساء التازناختيات المبدعات، لأنهن شعرن أنهن مقصيات.
*مدير مكتب قناة العربية في المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *