لم يسبق لنا في المغرب أن شاهدنا حالة فنية كما تلك التي يشكلها الفنان محمد الشوبي، فهي حالة قد تتكرر في المستقبل مغربيا لكن لايمكن لنا أن نجد لها مثيلا في الماضي.
محمد الشوبي فنان ملتزم بكل ما في الكلمة من معنى، فهو منخرط في الشأن المجتمعي وفي القضايا السياسية لبلده، يعطي رأيه فيها كل يوم وباستمرار من خلال صفحته الفيسبوكية التي يمكن الجزم وبدون أية مبالغة أنها الصفحة الأكثر نشاطا وتواصلا مع الآخرين ضمن كل الصفحات الفيسبوكية لكل الفنانين المغاربة.
بل يمكن القول أنه حالة عربية متميزة أيضا في هذا السياق.
لكن ما يصنع تميز الشوبي حقيقة هو كونه مُشَخِّصا متفرِّدا، إذ أن الشوبي مثل تلك الخمرة التي كُلَّما قَدمت في الزمن إلا وازدادت لذة وقيمة وغلا ثمنها.
فهو من بين الممثلين المغاربة القلائل الذين نلاحظ وباستمرار ذلك الجهد الذي يبذلونه لتجاوز أنفسهم، بل نقدها ونقد اختياراتها في كل مرة. فالشوبي لن يجد غضاضة في انتقاد عمل شارك فيه، بما في ذلك الدور الذي أدَّاه فيه أيضا، فهو يُمارس النقد الذاتي باستمرار الأمر الذي جعله يصل في أدواره الأخيرة إلى مرتبة كبار الممثلين.
عرفتُ الشوبي أولا في الفيسبوك وأخذت تتوطد بيني وبينه أواصر صداقة فنية. من جهتي كمُهتم بالميدان وكاتب فيه وعنه ومن جهته كفنان يحترم ما أكتبه، وحينما التقينا ازداد الاحترام وازداد التقدير من طرفي على الأقل.
لكن ما تيقنت منه بعد لقياه كونه شخصا محبّا للحياة بشكل لايوصف فهو يعيش لحظاتها بعشق لايوصف، أو هذا على الأقل مابدا لي خلال بعض مهرجانات سينمائية إلتقينا خلالها أو كنت حاضرا بها كما كان هو حاضرا بدوره.
الشوبي فنان وأديب ومثقف بكل ما في هذه الكلمات من معنى ، أصدر مجموعة قصصية نشرنا له قصصا منها في مجلة “طنجة الأدبية” قبل أن تصدُر، وصِفَةُ المثقف فيه تتجلى في كونه يُدلي بِدلوه في قضايا متعددة وبرؤية متميزة ومختلفة في قضايا الوطن والفن والناس والسياسة.
لحدود الساعة مازلت أستغرب لماذا لا تُسند للشوبي بطولات سينمائية مُطلقة رغم أنه أبان، حتى في أدوار مساندة قام بأدائها، أنه ممثل كبير قادر على حمل فيلم سينمائي على أكتافه.
نرجو أن ينتبه مخرجونا السينمائيون ويمنحوه فرصة في فيلم يكون فيه له دور ذومساحة كبيرة وليس مجرد دور مساند كما درجوا على ذلك قبل هذا.
*عبد الكريم ياكريم : أعيد نشر هذا البورتريه الذي كنت قد كتبته عنه منذ مدة ردا على المتشفين الذي لايقدرون لحظات الضعف والمرض والخالين من أي حس إنساني، وتذكرا للصديق الفنان المتميز محمد الشوبي الله يشافيه.