يكون قراء ومتتبعي جريدتي خميسة.ما، و “le12.ma” عربية طيلة الشهر الفضيل على موعد يومي مع حلقات “مول الحانوت” يكتبها تاجر القرب الطيب آيت باها، تكشف خبايا وأسرار علاقة “مول الحانوت” بالعابرين والجيران و كناش الكريدي” والثقل الضريبي… إلى جانب حكايات مع بيع حليب رمضان و”قوام الحريرة” ومحنة قرار الإغلاق الليلي للعام الثاني على التوالي.
إليكم الحلقة (14)
أصبح كل شيء عن بُعد! وازداد بعدًا! وكذلك حثمت الضرورة أن تتوالى صرخات واستغاثات التجار المُبعدين أكثر من ذي قبل بالموازاة مع لقاءات ممثلين صيغت بأبعاد مختلفة في غياب حلول ملموسة من مسؤولين ركنوا إلى الإبتعاد المعهود تثمينا للتباعد المفروض!
في ظل واقع حالٍ يوحي بأن البشرية سائرة نحو التعايش مع جائحة كورونا يتعايشُ مجددا مول الحانوت مع أزماته المزمنة كما تعايشَ معها سابقا حتى صار المشهد عبارة عن تلفاز يحتاج ظهره إلى ضربة متطوع كما جرت بذلك العادة أيام الأبيض والأسود كي تعود الصورة على الأقل إلى سابق عهدها! لأنها تَتطوّر وتتجدّد تلقائيا مع مختلف الأزمات، تراهن الحكومة على مناعة القطاع على اعتبار أن أزمة كورونا لا تختلف عن باقي الأزمات العابرة والمزمنة التي تجاوزها التجار مع مرور الوقت أو تعايشوا معها لزمن طويل!
هذا في الوقت الذي تدعو فيه جميع التقارير العالمية إلى التعاطي مع الأزمة الراهنة دون استخفاف بأي قطاع من القطاعات، كون أعضاء المُصاب بشكل عام وبدون استثناء جميعها معنية بتطورات المرض، الذي يستحيل على الجسم أن يتعافى منه نهائيا في ظل علاجات مُجَزّأة! أيّا ما بلغت نسبة تركيزها وعنايتها بمعظم الأعضاء دون باقي العناصر والمكونات على أدق تفاصيلها، فسيظل الإقتصاد مشوّه البنية، يَجتَرّ الأعطاب إلى ما لا نهاية!
وحتى إذا ما سَلّمنا أنه قد يتعايش معها هو الآخر -أي الإقتصاد-، فلن يختلف عن قطاع تجارة القرب الذي تراهن اليوم الحكومة على مناعته، لكي يخرج من الجائحة كما دخل إليها صامدا بقوة تحمّل مُنتسِبيه، وليس بشيء آخر غير ذلك!
هنا على الأقل وجب استحضار الجانب الصحي، سيما وأن الأمر يتعلق بمناعة التجار التي اكتسبت المزيد من الصلابة بدافع الدّود عن الأمن الغذائي للمواطنين في ظروف اتسمت بالعصيبة، وبهذا سيكون إطلاق برنامج الحماية الإجتماعية بشكل سليم، من الردود الشافية التي يجب أن تراعي بالدرجة الأولى موقع التاجر المتقدم في المنظومة الإجتماعية، وتحفظ بالتالي انخراطه الدائم في تحقيق السلم الإجتماعي، بأن تتسنى له الإستفادة من النقط المحصل عليها من مجهوداته المبذولة لتوفير وضمان خدمات كناش الكريدي موازاةً مع نقطه المشهود عليها ببطاقة الضمان الإجتماعي، هذا مع الأخد أيضا بعين الإعتبار شريحة المسيّرين “الگْـلّاسَا”، ووضعيتهم غير المستقرة، لفرط تنقلهم المستمر من محل تجاري إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى عند انخراطهم في صندوق الضمان الإجتماعي، لما يفرضه مجال اشتغالهم المتقطّع من فترات بطالة إجبارية تتفاوت مُددها حسب الظروف والفُرص!
بالنهاية، إذا ما تفضلت المؤسسات البنكية ودخلت على خط الإغاثة، فالمؤكد الذي لا يستقيم أن تخطئه عين خبير، هو أن نجاعة القروض لإنعاش مول الحانوت مرتبطة أساسا بطول مدة السداد وانعدام نسبة الفائدة أو ضآلتها إلى حدود تراعي حجم الأزمة الراهنة !